🍁الفرق بين العلم والبصيرة.________________
🌹 قال مولانا أبو عبد الله الصادق عليه صلوات وسلام الله الخالق:ليس العلم بكثرة التعلم وإنما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشآء الله ان يهديه.
🌹العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس.
🌵المصدر: بحار الأنوار للعلامة المجلسي قدس الله نفسه الزكية

أقول: أدرت ظهر قلمي عن التفريق اللغوي بين المفردتين ” العلم والبصيرة” خشية التيه في الفروق والجذور في المناجد وذلك لإنني أروم الوغول مباشرة في المتنين الشريفين لشدة ابتلآء المشتغل بالعلم مع نفسه تلبسا وعنوانا. وبلآؤه تطبيقا على مساحة الواقع مع المقتدين.
أولا: العلم.بما هو علم وبشتى تعريفاته المنطقية واللغوية والفلسفية والعرفانية وكل ما هو داخل في حقيقته على نحو الكسب والوفرة أي التحصيل هو نحو كمال للنفس بالتأكيد وذلك لاستطابته والأنس به بغض النظر عن صوابيته وخطأه أو صحته وسقمه أو مناشئه وهي حقيقة لا يعلمها إلا من توظف لهذه المفردة.ويحزن الفاقد لها ولو على نحو بسيط لإنها تعني له صفة نقص في قعر ذاته أو أمام الآخرين.وهي من الملكات النفسانية ذات الشدة والضعف الغير قارة أي تزول وتؤول شبه الطائر الذي يحط على غصن قد اعتاده ويحط على آخر وآخر ولكنه سرعان ما يعود لغصنه المألوف .والإنسان المجبول على نهم حب العلم والمعرفة لا يشبع بالتأكيد للنبوي المشهور ” منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا” ولكن هل أن هذا النهم والعشق والوفرة هي حقيقة العلم؟!
الجواب: بلا بحسب تعريف العلم النافي للكثرة الوارد في كلام مقتدانا الصادق عليه السلام” ليس العلم بكثرة التعلم” إذن: ماهي حقيقة العلم؟قال عليه السلام:وإنما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشآء وفي ن.خ يحب أن يهديه.
فعندنا أربع مفردات:علم.نور.وقذف.وقاذف.
نطوي كشحا عن مفردة العلم للإختلاف في ماهيته بحسب أنظار أهل كل فن ولإنه ليس المراد حتما لإنه من الفكر الآدمي وسوف يتضح ان المراد منه هو ذلك النور الذي يقذفه الله عز وجل في قلب من يصطفي من عباده “المعصوم عليه السلام ومن دونه ” ممن شملته الرعاية الخاصة مع الإلتفات للفارق بين قلب المعصوم عليه السلام المستوعب للرعاية الشاملة وهو “العلم اللدني” و “العلم الكسبي” المنضوي تحت مظلتهم.
نور:وهو حقيقة العلم المشار لها في متن درة كشاف الحقائق عليه السلام من دون لحظ الكم وإنما بلحظ الكيف.وهذا النور ليس له لمع بارق في الخارج وإنما هو الإفاضة والترشح منه تبارك وتعالى على قلب المشمول بالرعاية الخاصة وأن كان صاحبه ذميم الخلقة رث الملبس ومنطمس في ذقع الفقر والعوز.نور العلم أي: تجلياته على مسارب الروح قلبا وعلى حركات وسكنات البدن قالبا.نور في غالب آناته مدد لا ينقطع من المفيض عز إسمه عن المهدي أو المهدى كنور الشمس لا ينقطع عن الأرض وإن جللها سحاب السمآء.
حقيقة ذلك النور صاحبه أعلم به لإنه ملامس لحنايا روحه وشغاف قلبه ولو أراد الإفصاح عنه أو بيانه لغيره فسوف يقصر بيانه لضعف القابل عن درك كنهه ولربما وصف صاحبه بالخبل.
قذف:القذف في اللغة سرعة الرمي.وهو كناية عن شمول صاحب العلم الكيفي لا الكمي برعاية المولى جل جلاله حيث أنه تبارك وتعالى بقدرته اللامتناهية وبإرادته عز وجل “كن فيكون” تنقذف المعارف كالسيل المنهمر على عقل وقلب وروح العالم دفعة ودفعات في غالب آناته واشتغاله بالعلم وتحقيق وتنقيح المطالب التي يعجز عنها أضرابه نتيجة اخلاصه وتمحضه للعلم النافع الذي يربط المخلوق بالخالق .
وهذا القذف السريع أي الإفاضة الربوبية غير مرتبطة بحجم العلم وإنما بكيفيته .فكلما كان العلم شريفا واشتمله العالم بكسر اللام وتدرع به من أجل قطع الطريق على قاطع طريق الله عز وجل الشيطان الرجيم لإجل نفسه وأجل خلقه ازدادت كمية قذف ذلك النور وازداد وهجه.
القاذف:الله تبارك وتعالى الذي يأله له العالم بجلال أسمائه وعظيم صفاته .على وزن فاعل له الأسمآء الحسنى فادعوه بها.العالم العليم صفته عين ذاته الذي لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السمآء.لا يتخلف علمه عن زمان دون زمان.
أقول: المتن فيه إرشاد إلى: إن حقيقة العلم ليست هي ما يفهمه الغالب من الناس وهو النظر إلى الكمية وعدد السنين أو الهجرة إليه فإن ذلك فهم قاصر لإنه مبتن على الظواهر التي لا تغني ولا تسمن من جوع عند أهل المعرفة لإنهم متسلحون بمعايير التقييم .فكم من طالب علم قد شابت لحيته وابيض رأسه ولم يحوي شيئا من العلم .وكم من طالب علم بلغ من العمر عتيا وبذ الأنداد في المنقول والمعقول ولم يظهر عليه شعاع واحد من نور العلم الذي يقذفه الله تعالى في قلب من يشآء أن يهديه؟!يهديه لحقيقة العلم المتمثلة في هداية نفسه أولا ثم تفعيل تلك الهداية لخلقه ثانيا على منهاج الصراط القويم الذي هو مفاد درة علوية “العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل” وكان مجرد حصالة او ” فلاش مموري” كما يعبر البعض تهكما.لإنهم لم يروا فيه على صقع الواقع ولو لمحة من نور مما اشتغل به طيلة عمره.
بينما رأينا هجرة متوسطة لطلب العلم مع طي مراحل بنية خالصة وجد واجتهاد قد قذف الله بنوره في أرواح أصحابها مما ملأ الخافقين هديا واستقامة وأصبحت قدوة للمتعلمين وعركتهم الدنيا وناءت عليهم بكلكلها وصنع منهم الفقر وتحزب الأحزاب ضدهم أيقونة للصابرين على نهم العلم من أجل إسعاد وإنقاذ الناس من براثن الجهل والجاهلين قربة إلى الله تعالى.
والمناط في نورية العلم المقذوف في قلب من يحب الله أن يهديه هو نظر المولى تبارك وتعالى من حيث السعة والقابلية لتحمل أعبآء وضريبة العلم المأخوذ فيه هو العمل به مع النفس والقرب منه ثم هداية الخلق وتقريبهم منه.
وهذا ما سوف نعرض له تحت عنوان البصيرة.
أولا: بصيرة العلم مع النفس.ثانيا: بصيرة العلم مع الخلق.
ونعني به تجليات العلم المقذوف بنور الله عز وجل وتفعيل تلك التجليات واقعا عمليا من العالم المشمول بالرعاية الخاصة على ذاته وبالذات أولا وبالعرض على الخلق ثانيا.لإنه وكما قيل: فاقد الشيء لا يعطيه .أو كما اشتهر: أعمى كيف يقود البصرآء؟!

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *