علمه وتقواه


إن الأخبار ملئيه عن سعة علم الإمام الكاظم (ع) وعمق غوره ودقة أحكامه ، وطافحة باجوبته العجيبة واللطيفة والمذهلة ومحاججاته المفحمة ، منذ كان فتى أو حتى حَدَثاً ، ومع أعلام الكبار في السنن والمعرفة .


ومن ذلك ما نقل ، من أن أبا حنيفة دخل المدينة المنورة في أيام الإمام الصادق (ع) ومعه عبدالله بن مسلم ، فأراد الذهاب للإمام الصادق (ع) ليرِدا على الإمام الصادق (ع) ويسأله من مسأله يخجلاه امام اصحابه – على حد زعمهم- ، فأتيا باب الإمام الصادق (ع) والناس ينتظرون خروجه (ع) ، وقبل خروج الإمام الصادق خرج عليهم من الدار غلام حدث السن ، فقام الناس اجلالاً وهيبة له ، فسأله أبو حنيفة صاحبه عبدالله عن الغلام ، فقال :هذا ابنه موسى (ع) فأراد أبو حنيفة أن يمتحنه فتقدم إلى الإمام موسى بن جعفر وسأله يا غلام أين يضع الرجل حاجته ؟ فرد الإمام بما معناه يضعها في مكان بحيث يتوارى فيهِ عن الأنظار ، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ، ثم شرح له الإمام واجبات ومستحبات ومكروهات التخلي ، فبهت أبو حنيفة ، لأن أبا حنيفة يعتقد أن الإمام موسى (ع) سيجيبه عن معنى وضع الرجل حاجياته أي أغراضه وثيابه ، وكان قصد أبي حنيفة الخلاء ، فكيف عرف الإمام بقصد أبي حنيفة ؟ وزاد هذا من إكبار أبي حنيفة للإمام .
ثم سأله عن المسأله التي يريد من الإمام الصادق (ع) جوابها : فقال للإمام موسى (ع) : يا غلام ، ممن المعصية ؟ قال الإمام (ع) يا شيخ إن المعصية لا تخلوان تكون واحدة من ثلاثة : إما أن تكون من الله تعالى ، ولا ياتي العبد شيئاً منها ، فليس للحكيم عندئذٍ ان يأخذ عبده بما لم يفعله ، وإما أن تكون من العبد ومن الله معاً ، والله أقوى الشريكين ، فليس للشريك الأكبر أن ياخذ الشريك الأصغر بذنبه ، وإما أن تكون من العبد ، وليس لله شيئ منها ، فالأمر عندئذٍ لله ، إن شاء عفا وأن شاء عاقب ، فأصابت أبا حنيفة سكته ولم يرد على الإمام (ع) بكلمه .


وكان سلام الله عليه إذا صلى اضطربت اعضاؤه ، وجرت دموعه .

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *