أزمة فاقت كل تقدير!! ..


 


بقلم: عبد الله المدني


 


في يوم الإثنين الماضي وضع سمو الأمير حجر الأساس لأول مجمع سكاني من مشروع الإسكان الكلي.. ويتألف هذا المجمع من450 وحدة سكنية في قرية عراد بالمحرق.


 


 وهذه الخطوة كان المواطنون على أحر من الجمر في انتظارها ، ليس في عراد فقط، بل في كل قرية و مدينة في جميع مناطق البحرين الثماني. حيث أن جميع المواطنين اذا استثنينا أفراداً قلائل هم أصحاب القدرة و الثروة .


 


وجماهير شعب البحرين لم تكن في يوم من الأيام كسولة أو اتكالية تنتظر من الحكومة أن تقوم بإعداد المسكن لهم ولكنهم أصبحوا في وضع يستحيل أن القوى العاملة أن توفر السكن لنفسها في ظرف أصبح إيجار الوحدة السكنية الصغيرة تعادل أربعة أضعاف مرتب الفرد العامل ، و ثمن قطعة صغيرة من الأرض لا يحلم الفرد من القوى العاملة أن يشتريها اعتماداً على توفير من مرتبه حتى لو بلغ سن التقاعد ، و أسعار أدوات البناء تعلى كالدخان .. !


 


المعلومات المتوفرة لدى وزارة الإسكان تقول “إن هناك الآن فعلاً نقصاً  لخمسة عشر ألف وحدة سكنية أي 15 ألف أسرة في حاجة إلى السكن . و إذا علمنا أن آخر إحصاء أجرته الدولة عام 1671 بلغ مجموع الأسر 783 و 33 بما في ذلك الأجانب ، فإن نسبة هائلة جداً من الشعب لا تجد اسكن المطلوب !


 


 ولقد دهشت كثيرا لما جاء في لقاء “المواقف” مع وزير الاسكان اذ يقول ان نسبة معدل الاشغال للحجرة الواحدة في البلاد الان 6 و 2 فرد ونحن نحاول ان نفخفض هذا المعدل الى (2) شخص فقط لشغل الحجرة الواحدة, في حين ان هذه النسبة تعتبر ضربا من الخيال في الوسط الاجتماعي للاسرة البحرانية – الا اذا كانت نسبة الاشغال للحجرة لدى الاجانب والقلة الموسرة تهبط بمدل العام الى النسبة التي نكرها الوزير – وأنا اسرد القول على عواهنه, فأنا شخصيا فمت قبل سنة بإحصاء عدد أفراد الأسرة وعدد الحجر في كل بيت لقرية كرانة وكانت النتيجة مذهلة وخطيرة .. هناك حشر لسكان القرية كل قرية ..


 


ومن عجيب المصادفات انه بينما كنت اكتب هذه السطور جائني البريد برسالة من مواطن بحراني يعمل في سلك التدريس بأبوظبي يقول في رسالته ان سبب مهاجرته لابوظبي كان بسبب مشكلة السكن. فقد قدم طلبا منذ سنة 1971 لبيت في مدينة عيسى وكل الشروط المطلوبة تنطبق عليه وهو يعيش في اسرة عدد افرادها 23 وتسك في 7 حجر وحتى الآن لم يحصل إلا على الوعود المتكررة من ادارة مدينة عيسى على انه سيحصل في الدفعة الادمة.


 


ان ازمة الاسكان المستحفلة لها ردود فعل سلبية ومشاكل اجتماعية متعددة .. منها الهجرة من الوطن, قلة الانتاج للفرد, هدم الكثير من الاسر, مشاكل اخلاقية, والكثير الكثير من المشاكل. وليس امام المسؤلين الا ان يقوموا بثورة اسكانية عاجلة وليس مشاريع اسكان اعتيادية, صحيح ان توفير السكن يتطلب الوقت والمال الكثير واليد العاملة ومواد البناء .. وهذه لا يمكن توفيرها في يوم وليلة و سنة وسنتين كما يقول وزير الاسكان. ولكن على الدولةان تجدد كل امكانياتها لراحة المواطن لانه هو راس المال وهو الهدف لكل المشاريع التي تصرف عليها الدولة الملايين من الدنانير.


 


ان المواطن يتسائل اين قانون القروض للمواطنين واين الماطق السكنية المتعددة؟ لماذا لا (تفرض) الدولة على الشركات والمؤسسات المالية التي تستقدمها البحرين وتقدم لها كل الخدمات والتسهيلات القيام بمشاريع اسكان للمواطنين العاملين لديها كما تقوم بتوفير افخر المساكن لموظفيها الاجانب؟


 


لماذا  نسد حاجتنا من اليد العاملة في قطاع البناء كما نغطي حاجة البلاد لليد العاملة في مشاريع التنمية .. ولماذا لا نستفيد من آخر التصاميم للمساكن الحديثة التي توفر الأيدي العاملة والوقت .. اما المال فلن يصعب توفيره لدى الدولة التي تضاعف دخلها عدة مرات في الخمس سنوات الاخيرة وتجد دولا شقيقة تمد لها يد التعاون لانجاز المشاريع التي تقوم بها.


 


المصدر: العدد 110 – 19 ذو الحجة 1395 هـ – 22 ديسمبر 1975 م

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *