ليس امتلاك الأسهم هو امتلاك النفط


 


بقلم: عبد الله المدني


 


كان مجرد شعار تتحمس له الحركات السياسية في الوطن العربي، وأمنية بعيدة المنال ينادي بها في المحافل والمناسبات”بترول العرب للعرب”. ولكن مسألة البترول الآن لم تعد شعاراً تطرحه الحركات السياسية السرية أو العلنية بل أصبح موضوعاً مبرمجاً ومدروساً وتجاوز مرحلة الشعارات والنداءات إلى مرحلة المفاوضات وإبرام الاتفاقيات بين الدول المنتجة للبترول والشركات المستغلة له.


 


وسارت على درب السيطرة على النفط العراق والكويت والسعودية.. واستولت على شركات النفط العاملة في بلادها.. وكانت البحرين تسير في فلك مجموعة الدول النفطية الخليجية التي توصلت إلى إبرام اتفاقيات مع الشركات العاملة في حقول النفط نتح عنها شراء 60% من حصص الشركات التي تمتلك شركة بابكو، وليس أمام دولة البحرين إلا أن تشتري باقي أسهم شركة بابكو الأربعين مستفيدة من كل اتفاق يعقد بين شركات النفط وإحدى الدول النفطية في منطقة الخليج، وبما أن دولاً خليجية لديها من الإنتاج والمخزون من النفط ما يزيد ملايين المرات على نفط البحرين رأت أن السيطرة الكاملة على النفط من الطريق الصحيح فإن البحرين قد مهد لها الطريق قانونياً وفنياً لأن تسيطر على النفط 100% كذلك كما أن أمامها أن تقوم بدراسة وضع معمل تكرير النفط والذي لم يدخل ضمن الاتفاقية المعقودة بين دولة البحرين وشركة بابكو، وهل من الأجدى أن تشتري دولة البحرين مصنع التكرير أم تنشئ مصنعا جديداً يواكب التطورات العلمية في صناعة النفط.


 


وفي عام 1975 عندما أبرمت اتفاقية المشاركة بين دولة البحرين وشركة بابكو 60% من الأسهم تمتلكها دولة البحرين قد أوكلت الدولة إلى شركة بابكو القيام بالنيابة عنها في إدارة واستخراج وتكرير ونقل وتسويق حصة البحرين من النفط، وكانت هذه الإنابة نقطة ضعف كان من الواجب أن تكون دولة البحرين قد أعدت له العدة وهيأت الكوادر الوطنية، القديرة على إدارة المنشآت النفطية في البلاد في مختلف مراحلها الإدارية والفنية، كما كانت هذه الإنابة نقطة مؤاخذة ونقد لشركة بابكو أيضاً التي عملت في البلاد أكثر من ثلاثين سنة دون أن تؤهل الكوادر الوطنية للمراكز العليا إدارياً وفنياً في الشركة، فبلاد يقوم اقتصادها على البترول ويشكل 75% من ميزانياتها السنوية كان يستوجب عليها أن تعد شبابها لشغل مصدر ثروتها وتضع سياستها التعليمية لخدمة هذه الغاية.


 


إن ذكر ما فات هو استدراك وتصحيح لسيرة المستقبل، ولعل الخطة الأخيرة التي قامت بها الدولة وهي إنشاء شركة نفط البحرين هي استدراك لما فات في صناعة النفط، وفي إعداد الكوادر الوطنية في عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي واستخراجه وتصنيعه وكذلك تسويقه لتجني ثمار كنوزناً وثروتنا.


 


ولو تصورنا كيف أن الثروة النفطية في البلاد العربية تباع بأبخس الأثمان، فبعد رفع أسعار البترول الأخيرة والذي لم يصل سعر البرميل منه إلى 12 دولاراً من النفط الخام فإنه بعد التصنيع تبيعه الشركة المستغلة بسعر البرميل 150 دولاراً إذا تصورنا ذلك فإنه يتضح للعيان أن السيطرة على النفط ليست بامتلاك الشركات فقط ولكن بتصنيع النفط محلياً وتعريب شركات البترول العاملة في الوطن العربي، وتوفير الكوادر الوطنية التي تدير هذه الثروة في مختلف مراحلها من التنقيب إلى الاستخراج إلى التكرير والتصنيع إلى النقل والتسويق إذا استطاعت الدول العربية النفطية أن تقوم بإعداد الشباب الوطني يدير تصنيع النفط في جميع مراحله عند ذلك نكون قد تجاوزنا شعر “بترول العرب للعرب” إلى تحقيق سياسة وبرمجة هذا الهدف إلى واقع ملموس، ومتى ستجتاز شركة نفط البحرين الناشئة هذا الاختبار وتحقق هذا الهدف الوطني الذي تتحمل الآن مسئولية أمانته؟


 


المصدر: مجلة المواقف – العدد121 – 15مارس1976

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *