الروتين يواجه طلبات الإسكان والقروض


بقلم: عبدالله المدني


حيث أن المشكلة لا تزال موجودة فمن الطبيعي أن يستمر الكلام حولها، وحيث أن المشكلة لها عدة جنبات فالكلام حولها من الطبيعي أن يطرق من عدة وجوه. وحيث أن الحلول للمشكلة تتناول أكثر من ناحية فمن الطبيعي أن يكون الكلام حولها كثيراً وكثيرا.
وحيث أن طرق العلاج للمشكلة قد تكون معقدة فتؤدي إلى تأخير العلاج وعرقلته فلابد للكلام أن يتطرق إلى كل تلك الحيثيات والجنبات لتغطية المشكلة الكبيرة المتشعبة.
والكلام عن مشكلة الإسكان مو ما ينطبق على هذه الوضعية المتعددة الوجوه والحلول والأساليب. والكلام حول ههذه المشكلة ليس ضرباً من ملء فراغ والصفحات لأجل ملء الفراغ، وإنما للشعور بالواجب وللإرتباط العضوي بمشاكل المواطنين والإسهام في وضع الحلول لها من كل حسب مجاله وحسب ما يستطيع.
وحيث أن مشكلة الإسكان العتيقة والراسخة القدم تتطلب حلاً جذرياً فلابد أن يكون أسلوب العمل لحلها غير معقد فالمشاريع الإسكانية المتعددة من تمليك بيوت واقراض مبالغ وغيرها مهما كانت المبررات وأعذار وعقبات تعترض القائمين على تنفيذها فإنها تسير سيراً لا يتناسب مع حجم المشكلة ولا تواكب حجم المشروعات الإسكانية الطموحة التي تنفذها الدولة ولا تتناسب مع المبالغ الكبيرة المرصودة للمشروع الكبير.
فتنفيذ تخطيط المواقع وتشييد البناء عليها ينبغي أن يسير بنشاط وسرعة تتناسب مع حجم المشروع وجغرافية انتشاره. وقروض البناء ينبغي أن تغطي أكبر عدد من الطلبات بما يتناسب وحجم الحاجة الملحة للإسكان. هذا من ناحية سرعة التنفيذ. أما اسلوب العمل والتعامل مع المواطنين وإنجاز معاملاتهم، وفي ومعرفة الأكثر احتياجاً واستحقاقاً لتصنيف طلباتهم فمن هذه النواحي تبرز عدة ملاحظات. من هذه الملاحظات مثلاً: أن يطلب الموظف في أجهزة الإسكان من صاحب الطلب إحضار شهادة الميلاد لأولاده الذين سيسكنون معه في البيت وشهادة عقد الزواج. في حين أن هذه المعلومات موجودة أمام الموظف في جوازسفر صاحب الطلب فلا يقتنع بها ويصر على احضار الشهادات ونحن نعرف أن الكثير من المواطنين لا يحتفظون بأوراق عقد الزواج. فكم من الوقت والأيام سيقضيها هذا المواطن صاحب الطلب لإستصدار الشهادات من الوزارات المختصة.. ولماذا يقف الموظفون في الإسكان عند هذا (الروتين) والقوالب الجامدة ويعطلون طلبات المواطنين ويضيعون وقتاً وجهداً لا طائل له على معلومات هي متوفرة في مستند رسمي أمامهم سبقاً وسلفاً. مثال آخر: تشترط الوزارة على المتقدم أن يبرز شهادة من التسجيل العقاري بأنه لا يمتلك أرضاً إذا كان طالباً مسكناً وإذا كان الطلب لقرض أن لا يملك أكثر من قطعة واحدة من الأرض دون التمييز بين من يملك شبراً في ملك مشترك وبين من يملك عقارات كبيرة في حين أن كثيراً من أصحاب الحاجة للمساكن لديهم بيوت مساحتها ضيقة جداً لا تصلح لإشادة بناء جديد عليها أو لهم أسهم في بيت مشترك لعدد من الورثة بحيث لا يستطيع الإستفادة منه في حين طلبه لا يقبل لمشروع السكن في هذه الحالة وفي تصنيف الأحق يعتبر الذي يسكن في بيت بالأجرة مقدماً على الذي يمتلك ولوشبراً واحداً من الأرض وعلى الذي يسكن في بيت والده أو أسرته مع أن كثيراً من المستأجرين يسكنون في بيوت أفضل بكثير من أولئك الذين يسكنون في بيوت أسرهم.
ولا شك أن هذه العقبات التي تقابل المواطنين الراغبين في الحصول على قروض أو الذين يطلبون مساكن إذا ما تراكمت ستخلق مشكلة جديدة أمام الإسكان، أظن أنه كلما كانت المشكلة قديمة وكبيرة وكان الحل حديثاُ وفي بدايته تحدث أخطاء في تطبيق الحلول، ولكن مع إسهام الجميع في وضع الحلول وفي توضيح الأخطاء في بدايتها ستكون عاملاً مفيداً لإنجاح المشروع وإنهاء المشكلة إذا كان من بيدهم حل المشكلة يستمعون إلى القول ويأخذون بأحسنه.


 


المصدر: مجلة المواقف العدد 124 الأثنين 5 أبريل 1976م

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *