هل تحضر العرب مؤتمر الخريف وهم كأوراق الخريف!؟


 


بقلم: عبدالله المدني


 


العرب جربوا معارك السلاح مع العدو الصهيوني وقوى الاستعمار، وذاقوا خلالها الهزائم المرة، كما تذوقوا حلاوة الانتصار واليوم يخوض العرب حرباً جديدة في غاية الدقة وفي غاية الحرج وخطر الإنزلاق بدأت بفك الإرتباط مع العدو على الجبهة المصرية والجبهة السورية واليوم يستعد العرب لخوض معركة (الحوار السياسي) مع القوى الأعظم في العالم –أمريكا وروسيا- ومع اعتى أعداء العرب (إسرائيل) وفي أم القضايا العربية – مسألة الكيان الفلسطيني والوطن الفلسطيني.


فكيف ستواجة دول المواجة والثورة الفلسطينية مؤتمر جنيف في الخريف القادم هل ستذهب إليه وهي متفرقة الكلمة متبعثرة الرأي أم ستنسق مواقفها تجاه أصعب إمتحان سياسي ومبدئي يخوضه العرب.


إن القضية الفلسطينية والمتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية قد سجلت بعد حرب رمضان انتصارات كبيرة في (مسألة الكيان) ففرضت نفسها في الدوائر السياسية (الإسرائيلية) والأمريكية بشكل أو بآخر كما برزت واضحة جلية في مباحثات نيكسون- برجنيف. وفي المجال العربي قررت الدول العربية في مؤتمر قمة الجزائر اعتبار منظمة التحرير هي المثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين. وكانت الأردن وهي الدولة العربية الوحيدة التي امتنعت وتحفظت عن هذا الاعتراف.


والعلاقة بين الأردن والمقاومة الفلسطينية ذات شئون وشجون. وإن التوصل إلى إيجاد صيغة (تسوية) بين المقاومة والأردن هي من أعقد (التسويات) أو (التصفيات) كما تسميها المقاومة. إن المشكلة الأردنية الفلسطينية مهما فرض الواجب حلها بشكل أو بآخر فإنه لا يجوز أن يفسح لها المجال لتتوسع وتصبح مشكلة فلسطينية عربية.


فالأزمة الأخيرة التي فجرها بيان الإسكندرية بين المقاومة ومصر يجب تطويقها وحلها بسرعة. وإنه مهما كانت المبررات للثورة التحررية لدى المقاومة الفلسطينية مما يقتضيها من تحديد موقف حاسم وسريع من البيان المصري الأردني فإن الواجب الآن عقد لقاء سريع يضم مصر ومنظمة التحرير لإنهاء المأزق في أسرع وقت.


إن الاستعداد والإعداد لمعركة (الحوار السياسي) القادم لا بد وأن تسبقه إرهاصات في جسم الأمة العربية وبالتالي تتمخض الإرهاصات إلى توصل الأشقاء إلى تنظيم جبهاتهم في المعركة السياسية الخطيرة.


هذه الإرهاصات التي قد تنجلي بطرح وجهات نظر متعددة لا يجوز أن تكون حجر عثرة في طريق وحدة الصف العربي التي هي من أقوى الأسلحة التي يمتلكها العرب في معركتهم مع العدو الصهيوني والقوى الاستعمارية.


المهم الآن أن تتحرك الدبلوماسية العربية بكل ما تملك من وسائل لإزاحة سحابة الصيف التي عكرت العلاقات المصرية الفلسطينية، وأن تؤكد الدول العربية قرارها السابق في قمة الجزائر الذي أكدت فيه بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لشعب فلسطين. والتأكيد على ضرورة عقد مؤتمر القمة العربي في موعده المحدد كي لا يتعرض المؤتمر للفشل والإجهاض كما تتوقع بذلك منظمة التحرير. وفي حال تردي العلاقات الفلسطينية الأردنية نخشى – لا سمح الله – أن تقع الكارثة التي حذر منها الرئيس السادات من وقوع حرب في داخل الصف العربي!! وفي تلك الظروف المتردية – لا سمح الله – نكون قد حضرنا مؤتمر الخريف في الخريف القادم ونحن كأوراق الخريف.


 


المصدر: مجلة المواقف العدد 42     29 يوليو 1974م


 


 

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *